الذكرى السادسة لوفاة د. فوزي اسماعيل العاني
في يوم 8 من شهر ابريل تمر الذكرى السادسة لغياب الفقيد الطبيب البيطري دكتور فوزي اسماعيل حمودي العاني المدير السابق لمركز التلقيح الاصطناعي و مدير المستشفى البيطري لمحافظة الانبار الذي انتقل الى جوار ربه عام 2012 .
مرت علاقتي بالمرحوم بثلاثة مراحل الاولى استمرت خمسة سنوات حيث كنا في نفس الصف في كلية الطب البيطري في ابو غريب وكنا غالباً نجلس في الصف الامامي لنكون قريبين من الاستاذ المحاضر وكنا ايضاً نسكن في نفس القسم الداخلي، فكانت علاقة زمالة دراسة وصداقة اذ كنا نلتقي يومياً على مدى تلك السنوات عدا فترات العطل الرسمية. المرحلة الثانية استمرت ثلاثة اشهر عندما نقلت من جامعة بغداد الى وزارة الزراعة وثم الى المستشفى البيطري في الرمادي وكان المرحوم مدير مركز التلقيح الاصطناعي في بناية مجاورة ومشتركة مع المبنى القديم للمستشفى وكنت ازوره كلما اشعر بالضيق او الوحشة اذا كان مجرد ان اراه او ان اتحدث معه اشعر بالارتياح وانفراج الضيق. المرحلة الثالثة استمرت حوالي سنة وكان المرحوم مدير المستشفى البيطري في الرمادي وكنت انا مسؤول المختبر التابع للمستشفى ، فكانت علاقة عمل وزمالة.
كان المرحوم دمث الاخلاق ومعتدل في كل شيء سواء كان ذلك في تعامله اليومي وتعاطيه مع الاحداث والمستجدات ام في رؤيته ونظرته الى مجمل امور العمل والعاملين معه. وكان المرحوم " يقطر " طيبة ولم يترك سوى الأثر الطيب الذي يبقى عالقاً في ذاكرة محبيه ومن تعرفوا عليه. وانا هنا اذكره وأتذكره لأن الانسان الطيب تكون ذكراه طيبة وعطرة ويذكر بالخير. كان دكتور فوزي يجمع ما بين الطيبة الصادقة النابعة من اعماقه وما بين المعاني الانسانية التي تعيش في داخله ويجسدها في مساعدة الآخرين والتفاني في العمل من اجل إعلاء مهنة الطب البيطري ومن اجل خدمة محافظة الانبار.
وفي بلدنا العراق ، وفي تلك الحقبة التي عاصرته فيها اثناء العمل في السبعينات والتي كانت صعبة بالنسبة لي وبالنسبة الى كثير من الناس ، كان في نظري ان تقييم العراقي الجيد والأصيل ( خاصة ان كان مسئولاً ) لا يتم فقط من خلال جديته و اخلاصه وتفانيه بالعمل وحسب بل ايضاً من خلال سلوكه وتعامله مع الاخرين و ان لا يلحق الضرر باحد ويبقى مخلصاً لقناعاته وتقاليده المبدئية التي تربى عليها في ان لا يؤذي الآخرين ( بحكم منصبه ) وان لا يخضع للضغوط التي قد يتعرض لها كي يكون ضد هذا ( المغضوب عليه دون سبب وجيه ) او ضد ذاك ( الذي يتعرض الى شر الحساد او المتربصين به ). ودكتور فوزي لم يستغل منصبه من اجل فائدة شخصية او من اجل الحاق الضرر او الاساءة لأحد وكان ينطبق عليه القول : الرجل الطيب الذي " يخاف من ربه ". وانا هنا اقول الحقيقة بصدق وصراحة ( تلك الصراحة التي عانيت منها في العراق كثيراً وسببت لي المشاكل وسوء الفهم من قبل الآخرين ) . فالصعود على اكتاف الاخرين كانت سمة تلك الحقبة ويؤسفني ان اقول انه من النادر في ذلك الوقت ان يوجد انسان لا تغريه تلك الطريقة البسيطة او ان يتبعها بسبب الضغوط الخارجية ، والمرحوم كان من ذلك المعدن النادر والنقي الذي لا يخضع لضغوط الاغراء او الاكراه ويوازن في علاقاته مع الناس بحكم تربيته العالية وشخصيته القوية . كم نفتقد اليوم الى رجال من مستوى ووزن الدكتور فوزي اسماعيل العاني الذي كان مثالاً للإخلاص والشهامة والنخوة والنبل ، مثالاً يستحق الاقتداء به والسير على دربه : يساعدك ويدافع عنك دون ان تحس بذلك ، يدفع عنك شر الحساد والمتربصين والذين يصيدون في الماء العكر وانت لا تعلم بذلك وانما تستنتجه بعد مدة من الزمن. هذا هو المرحوم فوزي اسماعيل العاني.
رحم الله الفقيد برحمته الواسعه واسكنه فسيح جناته والهم اهله وأحباءه وأصدقاءه الصبر والسلوان.
نعمان